قراءة امريكية للمبادرة الخليجية: “صالح” هو الخيار الأفضل بالنسبة للسعودية..لماذا؟
تتآمر دول الخليج وعلى رأسها السعودية مع علي عبد الله صالح لخنق الثورة اليمنية وتعمل العائلات المالكة في تلك الدول والحرس القديم في اليمن جنباً الى جنب لشراء الوقت أملا في شل الثورة وتعطيل قدرتها على الاستمرار في المظاهرات والاعتصامات.
ذلك ما خلصت إليه الكاتبة الأمريكية جيه دانه ستوستر في مقالتها الأخيرة المنشورة قبل ثلاثة أيام في مجلة “ذا اتلانتيك” السياسية الذائعة في أوساط النخبة السياسية ومراكز صناعة القرار بواشنطن.
وفيما تقول الكاتبة إن زعماء المعارضة اليمنية أعلنوا استعدادهم التوقيع على معاهدة مع النظام في 25 ابريل بعد مضي ثلاثة أشهر من المظاهرات وحرب الشوارع في مدن بطول وعرض اليمن, ومشيرة الى أن المعاهدة تمت بواسطة مجلس التعاون الخليجي فهي تعتقد أن هذا الاتفاق بعيد كل البعد من الحل.
وتستبعد الكاتبة أن يلتزم صالح بالمعاهدة التي يفترض أن تنبع منها حكومة انتقالية وتكون محل إجماع وتسوية بين علي عبد الله صالح والمعارضة، وتقول إنه على الرغم من إعلان الأطراف المعنية دعمها للمبادرة إلا أنها لم تستطيع حتى أن تتفق على التوقيع وإجراءاته.
وتعود إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي السبت الماضي لمرافقة علي عبدالله صالح إلى الرياض بقصد إنجاز مراسم التوقيع على الاتفاق, لكن صالح رفض واعترض وأعلن انه يوقع إذا كانت قطر ستشارك في مراسيم التوقيع, وطلب أن ينوبه في التوقيع على المعاهدة أحد مساعديه.
وفي وقت لاحق قال إنه لن يغادر اليمن خوفاً من الانقلاب عليه وهو في السعودية.
يومها قال الزياني للصحافة إنه تقابل مع صالح أربع مرات وإن صالح كان في كل مرة يطرح شروطاً جديدة لتوقيع المعاهدة.
وقالت الكاتبة: أعتقد أن الرئيس اليمني كما كان منذ البداية, يحاول شراء الوقت فقط وليس أكثر.
وأضافت في الحقيقة ان المبادرة الخليجية لا تحل أي شيء حتى انها لم تستطع ان تخفف من العنف السياسي في شوارع صنعاء وتعز وعدن.
وتستطرد: إن يوم الأربعاء 27أبريل, أي بعد يومين من موافقة المعارضة والنظام على توقيع المبادرة, كان من أكثر الأيام دموية في اليمن في خلال شهر, إذ قام مسلحون بزي مدني في صنعاء بإطلاق النار على المتظاهرين ضد الحكومة وأمطروا سيارات الإسعاف التي اسعفت الجرحى الى المستشفى الميداني بالرصاص. وبحسب قناة “الجزيرة” أسفرت تلك الاعتداءات عن12 قتيلاً وقدرت عدد القتلى حتى الآن ب140. وقد عبرت الكاتبة الامريكية عن تحفظها على هذا الرقم المتواضع.
وأعادت الكاتبة ستوستر التذكير بان مجلس التعاون الخليجي كان متحمساً للتدخل من اجل وقف تدفق ربيع الثورات العربية, ويخافون من تداعيات الثورات التي يمكن أن تهدد أنظمتهم. وأشارت إلى انه بعد شهر واحد من بداية المظاهرات في البحرين قام مجلس التعاون بدعم البحرين عن طريق درع الجزيرة بقوة مكونة من ألف جندي سعودي. والمعلوم أن السعودية هي أكثر عضو مؤثر في مجلس التعاون ولديها اهتمام خاص باليمن منوهة الى دور القاعدة في الجزيرة العربية التي غدت تنطلق من مقرها في اليمن لتهاجم العائلة السعودية الحاكمة وما زالت تتوعدها بالمزيد من الهجمات في المستقبل.
وفي السياق تقول إن السعودية كان لديها دائما تفاهمات مع نظام صالح حتى أنها حاربت معه ضد الحوثيين.
ثورتان بثورتين
وتقول إن الاحتفاظ بصالح هو أفضل خيارات السعودية وبهذه الطريقة فإنهم يحتفظون بحليف في الحكم ويواصلوا النهج الذي بدأوه في البحرين.
وهنا تبدو رسالتهم واضحة ومفادها أنهم يريدوا التأكيد على أنه بالإمكان إفشال ثورتين في مقابل انتصار ثورتين, وبالأحرى فإن الفشل في اليمن والبحرين يقابله الانتصار الذي كان للثورتين في تونس ومصر.
وفيما خص المبادرة الخليجية فهي تقول إن أسس المبادرة الخليجية تخدم نظام صالح بشكل كبير فبعد التوقيع سيتم تكوين حكومة جديدة يحتفظ فيها المؤتمر الشعبي بـ50% والمشترك40% مع بقاء 10% يتم تحديدها لاحقا (من المحتمل أن تكون من حصة الجيش).
وتستعرض تفاصيل المبادرة بالإشارة الى انه بعد ثلاثين يوما من التوقيع يجب على الرئيس ان يقدم استقالته ويحصل على حصانة له ولاقربائه وأركان حكمه, وبعد 60 يوماً يتم إجراء انتخابات رئاسية.
وتقول: في نظري ان العملية لن تصل الى تلك المرحلة , فقد أعلن المؤتمر الشعبي عن أعتزامه رفض استقالة صالح بالاستفادة من وضعه في البرلمان فهو من يمتلك الأغلبية وبمقدوره رفض الاستقالة.
ومن ناحية أخرى تلفت الكاتبةالانتباه إلى انه ورغم إعلان الرئيس عن موافقته المبدئية على المبادرة إلا أنه أطلق العنان لقوات الحرس الجمهوري التي تأتمر بقيادة نجله لقمع المتظاهرين ومازالت هذه القوات تطلق الرصاص على المتظاهرين حتى اليوم.
وتقول: في نظري لا يوجد أي سبب لدى صالح يسوغ له تصعيد الأمور إلا إذا كان في نيته البقاء.
وفي السياق تتساءل الكاتبة:لماذا ستقوم المعارضة بالتوقيع على هكذا مبادرة؟
وأعربت عن أعتقادها أن قوى المعارضة لن توقع على المبادرة كجبهة موحدة, مشيرة إلى ان صالح كان دائماً وما زال معروفا باللعب على المتناقضات والانشقاقات.
وأضافت أن صالح بقي في الحكم اكثر من ثلاثة عقود عن طريق ضرب القبائل بعضها ببعض, وهو الآن يعمل نفس الشيء مع الأحزاب السياسية في المعارضة حيث أن المشترك يمثل طيفا واسعا من الاتجاهات السياسية في اليمن وفيه ممثلون عن القبائل والإسلاميين والأشتراكيين وجميعهم موحدون حالياً على هدف واحد يتمثل بإسقاط النظام.
واستدركت أن المشترك متحمس, أيضاً، للتوقيع على المبادرة حتى يتمكن من الاحتفاظ بأهميته على المسرح السياسي, لكن المبادرة تخرج حركة الشباب, الذين هم أكثر الفئات تحمساً لرحيل صالح من المعادلة, وبالرجوع الى المبادرة الخليجية سيكون لهم دور صغير جدا في الفترة الانتقالية والأرجح أن لا يكون لهم أي دور نهائيا, إذ سيكون معهم 60 يوما لبناء بنية سياسية تحتية من مرشحين وحملات انتخابية وأطر من لا شيء.
وتستطرد: أنه تبعا لذلك فإن الشباب ومعظم مكونات الثورة يرفضون هذه المبادرة, وقد علق احد الشباب عن نية المشترك التوقيع على المبادرة بالقول إنه “انتحار سياسي” ثم ان أكثر الأشياء التي يعترض عليها المتظاهرون هي منح صالح الحصانة من المحاكمة. وقد صرخ الشباب برغبتهم في مواصلة الاحتجاجات والاعتصامات حتى استقالة صالح بغض النظر عن أية مبادرات يتم توقيعها.
وتختم الكاتبة: صالح ما يزال يراهن على الوقت وما يزال يبحث عن سبل وطرق لشق وتفتيت المعارضة من أجل البقاء في منصبه حتى 2013 أو أكثر, والمبادرة الخليجية هي أداة سياسية أكثر منها اتفاق وتقريباً من المستحيل أن تتمكن من إنهاء الأزمة في اليمن, في نظري لا يوجد الآن أي اتفاق ولن يوجد أي اتفاق في المستقبل المنظو, مؤهل لحلحلة “الأزمة” في اليمن.
نقلا عن صحيفة التجمع